ا
الخاطرة الأولى
أسباب الخواطر
أسباب كثيرة دعتنى للحديث عن هذا الموضوع فى هذا التوقيت بالذات
الأول:
أن الأمة فى أمس الحاجة هذه الأيام إلى دُعاةٍ تتجمع عليهم القلوب وتتآلف حولهم النفوس دعاةٍ ينطلقون من فهم صحيح ثابت لكتاب الله جل وعلا وسنة رسوله لتبصرة المسلمين بحقيقة دينهم من ناحية وتحذيرهم من المؤامرات التى تحُاك لهم فى الليل والنهار من ناحية أخرى دعاةٍ يتحركون بدعوتهم خالصة لله جل وعلا وحده
لا يدعون إلى قومية أو حزبية أو عصبية
لا يدعون إلى مصلحة أو غنيمة أو هوى
لا يدعون إلى جماعة ويعادون الأخرى فجماعتهم هى جماعة المسلمين ومنهجهم هو القرآن والسنة وإمامهم هو إمام الهدى ومصباح الدُّجى محمد ومن سار على دربه من العلماء العاملين والدعاة الصادقين
نعم إن الأمة فى حاجة شديدة إلى هذا الصنف من الدعاة فى وقت كثر فيه دعاةُ الباطل والهوى الذين باعوا دينهم بعرضٍ من الدنيا حقير فنافقوا الحاكم وهم يعلمون يقيناً أنه يحكم بغير ما أنزل الله بل وإن أراد الحلًّ حللوا وإن أراد الحرام حرمَّوا!!
وإن كان الحاكم ديمقراطًّياً قالوا: وهل الديمقراطية إلا الإسلام ؟! ولما كان الحاكم اشتراكًّياً باركوا الاشتراكية وقالوا: وهل خرجت إلا من عباءة الإسلام ؟!
والضحية فى النهاية هى الأمة المسكينة التى تمزقت وتشرذمت خلف صياح القوميين تارة وزخرف الاشتراكيين تارة أخرى ونفاق الليبراليين تارة ثالثة وتدليس علماء الباطل من ناحية رابعة والأخيرة هى القاصمة لأن زلة العالِم زلة العالَم !! ولقد أبدع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى فى وصف هذا الصنف الخبيث من دعاة الباطل فقال: "علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم ويدعون إلى النار بأفعالهم فكلما قالت أقوالهم للناس هلمُّوا قالت أفعالهم لا تسمعوا منهم فلو كان ما دعوا إليه حقَّاً كانوا أول المستجيبين لهم ، فهم فى الصورة أدلاء وفى الحقيقة قطاع طرق" (1)
الثانى:
أما السبب الثانى الذى دعانى للحديث فى هذا الموضوع الجليل هو أننا نعيش أياماً قد كُلف فيها الذئاب برعى الأغنام !!
وراعى الشاه يحمى الذئب عنها فكيف إذا الرعاةُ لها الذئاب
وقد وصف النبى هذه الأيام وصفاً دقيقاً كما فى حديث أبى هريرة أنه قال : "سيأتى على الناس سنواتُ خدَّاعاتُ ، يُصدًّق فيها الكاذبُ ويَكذًّب فيها الصادق ، ويُؤتمُن فيها الخائنُ ، ويُخوًّنُ فيها الأميُن وينطقُ فيها الرٌويبَضةُ قيل : وما الرٌويبَضةُ ؟ قال : الرجل التافهُ يتكلمُ فى أمر العامَّةِ"(2)
سبحان الله !! إنه وصفَ دقيقُ مِمَّن لا ينطق عن الهوى – بأبى هو وأمى - فلقد أصبح اللادينيون والساقطون قادة الفكر والتوجيه وأرباب الأقلام التى تفُسح لها الصفحات ليكتبوا فى كل شئ وفى أى شئ حتى فى دين الله عز وجل بدون بينة ولا هدى من غير خجل أو وجل !!
وأفسَحت لهم الإذاعات المرئية والمسموعة الساعات الطوال لعرض "وفرض" آرائهم وأفكارهم للى أعناق الناس إليهم لَيَّا فى الوقت الذى شنت فيه هذه الإذاعات الحرب على دعاة الإسلام وشباب الصحوة بمنتهى السفور والفجور !
الثالث:
أما السبب الثالث الذى يُحزن الفؤاد ويوقظ كلَّ من غطَّ فى الرقاد هو ما نراه ونسمعه ونقرأه من حملة شرسة مسعورة سافرة على الإسلام بصفة عامة وعلى الشباب المسلم بصفة خاصة حتى أصبح ما يسمونه بالتطرف الدينى لصيقاً بهم وحدهم دون غيرهم وَجُند لتأكيد هذا والدندنة حوله بمناسبة وبغير مناسبة كثيرُ من الكُتاب والصحفيين والمفكرين بل ومن علماء المسلمين بقصد أو بدون قصد !
وراحوا يركزون على إبراز بعض التصرفات الخاطئة من بعض الشباب المتحمس الذى انصرف عنه العلماء فانصرف ينهل من بطون الكتب فوقع فى بعض الأخطاء فهماً وسلوكاً فوضعوها تحت المجاهر المكبرة لخلق حالة من الرعب والإرهاب الفكرى لشلِ حركة الدعوة إلى الله عز وجل ولتشويه صورة الحركة الإسلامية بأسرها
وفى الوقت الذى يُمارس فيه "التطرف" بكل قوة وشراسة ووحشية فى جميع أنحاء العالم !!
فأين هم من التطرف اليهودى الذى يُمارس بعنجهية واستعلاء ضد المسلمين فى فلسطين الذبيحة ؟!
وأين هم من التطرف النصرانى الصربى الذى يُمارس بإبادة ووحشية – تخلع القلب وتُذيب الفؤاد – ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك على مرأى ومسمع من أدعياء الحرية وَمرُوَّجى مسرحية السلام ؟!
وأين هم من التطرف الوثنى الذى يُمارس بقوة ضد المسلمين فى الهند ؟!
وأين هم من التطرف الأوروبى والأمريكى فى معالجة المشاكل والأزمات ؟!
وأين هم من التطرف الأخلاقى وأساطينه الذين يجاهرون بالمعاصى ويبارزون الله بها فى الليل والنهار ، فلا نجد من يهشهم ولا يعكر عليهم صفوهم بل نراهم آمنين مطمئنين تصفق لهم الجماهير ، وتهتف لهم الدنيا ، وتُصاغ لهم الأمجاد ، وتذلل لهم الصعاب ، وتفتح لهم الأبواب !!!
فهل من الإنصاف والعدل أن نُلقى باللوم والغضب والتشهير والتحقير والسخرية والازدراء على الشباب الذى يعلن إسلامه ويطالب به فى الوقت الذى نبتسم فيه ابتسامة عريضة لهذا الشباب الماجن الخليع!!
وهل من الإنصاف والعدل أن نسخر من الفتاة الطاهرة التى تسربلت بسربال الحياء والمروءة والشرف والعفة وأن نفخر بالفتاة الكاسية العارية المائلة ! تلك إذاً قسمة ضيزى
ومع هذا كله :