ما أجمل الحياة حين يكون ملؤها الحب و التسامح, ما أجملها حينما يحمل الإنسان بين طيات قلبه العفو و التجاوز ..
حينها تسود الألفة, و الود في مجتمعنا الإسلامي الذي نحن في أشد الحاجة إليه ..
حينها يقابل المسلمون إساءة إخوانهم بالإحسان, حينها تذوب البغضاء و تزول الشحناء بمقابلته للإحسان
العفو ..
تلك الكلمة المكونة من ثلاثة أحرف أجرها عظيم عند الله كما أنها تظهر الصورة الجلية لتربية النفس، والسمو بها إلى أعلى خلق فاضل, أليست هي صفة من صفات الله تعال: ((و إن الله لعفو غفور))
فقد أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله _ صلى الله عليه وسلم _ وهو خطاب لأمته فقال :
"خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" سورة الأعراف
قال الشافعي رحمه الله :
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم *** إن الجواب لباب الشر مفتاح
فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب *** نعم وفيه لصون العرض إصلاح
إن الأسود لتخشى وهي صامته *** والكلب يحثى ويرمى وهو نباح
ما هو العفو : قال الكفوي : كف الضرر مع القدرة عليه وكل من استحق عقوبة فتركها فهذا الترك عفو ,,
وامتدح الله الجنة واخبر انه اعدها لأناس من اعظم صفاتهم كظم الغيظ والعفو عن الناس
{والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس}.
فعن انس - رضي الله عنه - قال:"كنت امشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه اعرابي فجذبه بردائه جذبة شديدة، فنظرت الى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد اثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال:
يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت اليه فضحك، ثم امر له بعطاء" رواه البخاري ومسلم
انه سبحانه عفو يحب أهل العفو .. فإن عفوتم عن الناس أحبكم الله سبحانه وتعالى كما قال سبحانه وتعالى ..
(( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال .. قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _
(( ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا , وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )) رواه مسلم
وعن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ أيضا عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قال :
(( كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه : تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه ))
رواه البخاري ومسلم
قال الشاعر:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعآ
يرمى بصخر فيلقى بأطيب الثمر
أخي أختي أختم موضوعي بقصة رجل من أهل الدنيا دخل الجنة:
(بينما الصحابة رضوان الله عليهم يجلسون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول لهم عليه الصلاة والسلام : سيدخل عليكم رجل من أهل الجنة.. فدخل رجل وجلس معهم.. وفي اليوم التالي وهم جلوس مع رسول الله إذا يقول لهم: سيدخل عليكم رجل من أهل الجنة.. فدخل عليهم نفس الرجل وجلس.. وفي اليوم التالي تكرر نفس الموقف.
تمنى الصحابه ان يكونوا مكان هذا الرجل ..وتشوقوا لمعرفه عمله الذي سيدخله الجنه ..
قرر أحد الصحابة أن يحاول اكتشاف سر دخول هذا الرجل الجنه .. فذهب هذا الصحابي للرجل وطلب منه أن يظل عنده لبضعة أيام وأوجد حجة لذلك فوافق الرجل.. واخذ الصحابي يراقب الرجل ولكن لم يستطع أن يجد سر هذا الرجل فهو ينام الليل ويفطر النهار ..أي ليس كثير صيام أو قيام ..فاحتار الصحابي في أمره ..
فقرر أن يروي له ما قاله الرسول عنه انه من أهل الجنة ..فقال له الرجل : أنني آوي إلى فراشي وليس في قلبي ذرة غل على أحد من المسلمين.
.
.
يا لهذا الرجل أبهذا يدخل الجنة ..فما رأيك أختي مادام الجنة مقابل تسامحك مع إخوانك ..نعم الثواب الجنة ..العمل بسيط والأجر غالي عند الله .. لن تخسري شيئا أختي بل ستكسبين الكثير ..
وأود أن اذكر الايه الكريمه ..
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)
فيامن بينك وبين أي انسان قطيعة، ابدأ بالتسامح والتصافح وتذكر أن العفو يوصلك لنيل الحظ العظيم وستكون عند الله أفضل، والله يحب المحسنين، فلا تعامل الناس بل تعامل مع رب الناس واحتسب الأجر في كل صغيرة وكبيرة حتى تنجو ويكفيك الله شر كل الناس.