كان عماد في منتهى السعادة عندما ايقظته والدته لكي يستعد للسفر الى جزيرة تاهيتي الجميلة علي ظهر السفينة التي تحتوي علي مائة غرفة و مطعم كبير , و صالة للألعاب الرياضية , و حوض سباحة كبير , و بسرعة كان عماد مستعدا تماما ..
و تجمعت العائلة المكونة من الأب , و الأم , و مرفت و هي الابنه , و عمرها عشر سنوات , و عماد و هو في السابعة من عمره , و في الطريق الى الميناء كان الجميع يحلمون بالرحلة و العطلة الجميلة علي شواطئ تاهيتي الساحرة , و اخيرا وصلت سيارة الأجرة الى الميناء , و صعد الجميع علي ظهر السفينة , و قادهم المسئول الى غرفتهم في الدور الأول من السفينة ..
و مضى الوقت سريعا , و بدأت السفينة في الإبحار , في ذلك الوقت كانت العائلة في المطعم تتناول الغذاء , و استغل عماد انشغال الجميع في الحديث و الطعام , و ذهب الى سطح السفينة , لكي يشاهد حمام السباحة , و يتمتع بمنظر المحيط .. كان المنظر رائعا , و ذهب عماد الى نهاية السفينة , و بدأ ينظر الى أسفل و انحنى اكثر من اللازم , و كانت المفاجأة .. وقع عماد في المحيط , و اخذ يصرخ و يطلب النجدة , و لكن بدون جدوى .. و أخيرا كان هناك احد المسافرين , و هو رجل في الخميسنات من عمره , فسمع صراخ الطفل , و بسرعة ضرب جهاز الإنذار , و رمى نفسه في المياه لإنقاذ الطفل , و تجمع المسافرون , و هرول المتخصصون , و بسرعة ساعدو الرجل و عماد , و تمت عملية الإنقاذ , و نجا عماد من موت محقق .. و عندما خرج من المياه ذعب الى والديه , ليعتذر عما صدر منه , و بعد ذلك بدأ في البحث عن الرجل الشجاع الذي انقذ حياته , و لما وجده واقفا في ركن من الأركان , و كان مازال مبللا بالمياه جري اليه و حضنه , و قال له " لا أعرف كف اشكرك .. لقد انقذت حياتي من الغرق" .. و بإبتسامه هادئة رد الرجل قائلا : "يابني اتمنى ان تساوي حياتك إنقاذها" .. و كات هذه الكلمات بمثابة رشاش بارد في يوم ساخن , و استقرت بعمق في ذهنة , و كانت الدافع الرئيسي في نجاح عماد في حياته , فقد بُرمجت في عقله بعمق , و لازمته طوال حياته , و جعلته مرموقا ناجحا محبا للخير , و كلما واجهته تحديات الحياة تذكر كلمات الرجل :
"يابني اتمنى ان تساوي حياتك إنقاذها"
و الآن دعني اسألك :
* هل حياتك تساوي انفاذها ؟؟
* هل تريد ان تترك بصمات نجاحك في الدنيا ؟؟
* هل قررت ان تحكم في شعورك و احاسيسك و حكمك علي الأشياء و الآخرين ؟؟
* هل قررت ان تكون مثلا اعلى لكل من حولك ؟؟
* هل قررت ان تقابل تحديات الحياة بإبتسامة عريضة , و تعمل علي حلها ؟؟
ابدأ من اليوم .. و تذكر قول الشاعر
"ما الحياة الا امل يصاحبها ألم .. و يفاجئها أجل"
فعش حياتك بالأمل و توقع الخير .. حدد اهدافك .. اكتبها .. ع الخطط لتنفيذها .. ضعها في الفعل , و كن مؤمنا بها .. حتى تحققها , و بما ان الحياة يصاحبها الم و تحديات , فكن مستعدا .. قابل هذه التحديات بقوة و عزم و صبر , و توكل علي الله , فإن الله يحب الصابرين , و الله لا يضيع اجر من احسن عملا .
و بما ان الحياة يفاجئها أجل , و انه الشئ الوحيد الحقيقي في هذه الدنيا , و هو المصير المحقق لكل انسان .. فعش بالكفاح في سبيل الله ... كن مستعدا ليوم لقائك مع خالقك العظيم , فصلِّ و كأنك تصلي صلاة الوداع .. عامل كل إنسان و كأنك ستراه لآخر مرة .. اعطف علي المساكين كما لو كان هذا هو آخر شئ تفعله في الدنيا ..
تقرب اليوم الى الله سبحانه و تعالى , و ستجد ان حياتك امتلأت أكثر بالنور و الحب , و ستجد نفسك في سعادة لا محدودة , و نجاح تُضرب به الأمثال .
فابدأ من اليوم في تغيير حياتك الى الأفضل , و ساعد الآخرين , و تذكر ان سعادتك بين يديك ..
و أخيرا ادعو لك من كل قلبي ان تكون حياتك مملؤة بالإيمان و الصحة و السعادة .. وفقك الله ..
من كتاب قوة التحكم في الذات
د. إبراهيم الفقي