يشكل تنظيم محاكمة عادلة للرئيس السابق حسني مبارك الذي حكم مصر بلا منازع لمدة ثلاثة عقود تحديا كبيرا للقضاء في بلد يشهد توترات شديدة ويقوده الجيش.ويقول نائب رئيس محكمة النقض
القاضي احمد مكي ان "محاكمة الرئيس السابق ستكون القضية الاولى من نوعها في مصر وهي مسألة تثير تساؤلات هل ستكون محاكمة عادلة؟ وستكون بالتأكيد اختبارا".
ومنذ ان بدأ التحقيق معه ثم وضعه قيد الحبس الاحتياطي في 31 نيسان/ابريل الماضي، يبدو مصير الرئيس السابق يتارجح مع تذبذب علاقات القوة بين السلطة والرأي العام.
ورغم الاعلان الثلاثاء عن احالة مبارك ونجليه علاء وجمال الى المحاكمة الجنائية، فان البعض يعتقد انه ينبغي الحفاظ على التعبئة الشعبية لتجنب اي محاولة لكي يفلت الرئيس السابق من القضاء.
ويرى المحامي جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ان "المشكلة في هذه القضية هي ان القضاء لا يتحرك اعمالا للقانون وانما تحت الضغط الشعبي".
ويضيف "هذا يعزز الانطباع بانه اذا لم يظل الناس متيقظين فلن تكون هناك عدالة".
ويأتي الاعلان عن محاكمة مبارك ونجليه في ظل دعوات الي تظاهرات حاشدة بعد غد الجمعة في القاهرة ومختلف المحافظات المصرية من اجل الاسراع بمحاكمة "رموز النظام السابق".
وسيكون حجم المشاركة في هذه التظاهرات مؤشرا على درجة التعبئة الشعبية حول هذا الموضوع كما سيوضح ما اذا كان الاعلان عن محاكمة مبارك ادى تهدئة الرأي العام ام لا.
ويحاكم مبارك ونجلاه بتهم الفساد المالي وقتل متظاهرين خلال الانتفاضة المصرية التي بدأت في 25 كانون الثاني/يناير وارغمت الرئيس السابق على التنحي في 11 شباط/فبراير.
واسفرت الانتفاضة عن مقتل 846 شخصا واصابة اكثر من ستة الاف اخرين وفقا للبيانات الرسمية.
ولم يعلن بعد موعد بدء محاكمة مبارك ونجليه.
وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية انها ستجري في القاهرة. لكن المحكمة يمكن كذلك ان تنتقل الى شرم الشيخ حيث وضع مبارك (83 عاما) قيد الحبس الاحتياطي في مستشفى شرم الشيخ بعد اصابته بأزمة قلبية.
ويقول احمد مكي ان "انتقال المحكمة سيكون سابقة في تاريخ مصر ولكن هذا ممكن بموجب القانون خصوصا اذا اقتضت الاجراءات الامنية ذلك".
ويخشى جمال عيد من "ان يقال مثلا انه ستتم محاكمة مبارك ولكن عندما تسمح ظروفه الصحية".
وخلافا للشرطة التي كانت محل انتقادات شديدة، لم يتأثر القضاء المصري بالانتفاضة ومازال يحظي بتقدير المصريين بشكل عام.
لكن هناك انتقادات موجهة كذلك للقضاء او بعض المنتمين اليه خصوصا بسبب الاحكام القاسية التي صدرت ضد معارضين سياسيين في عهد مبارك.
ويعتقد نائب رئيس محكمة النقض السابق محمود الخضيري الذي كان من اشد معارضي نظام مبارك ان الطابع التاريحي لهذه المحاكمة والتوترات التي يمكن ان تولدها تستدعي ان يتم تصويرها وبثها.
ويقول الخضيري "من المهم بث هذه المحاكمة لانه لو لم يتم ذلك سيظن الناس ان الاجراءات لم تكن نزيهة".
ويتوقع الخضيري ان تستمر المحاكمة سنة ولكنه يشدد على ان "المهم ليس الوقت الذي ستسغرقه وانما ان يرى الناس انه لا يمكن التشكيك في نزاهة وعدالة المحاكمة".d